وجوب التسليم المطلق بكمال الشريعة
يقول: "فإذا اتضح له المغزى، وتبينت له الواضحة فلابد (له) من أن يجعلها حاكمة في كل ما يعرض له من النظر فيها..." إلى أن قال: "فأما الأمر الأول: فهو الذي أغفله المبتدعون، فدخل عليهم بسبب ذلك الاستدراك على الشرع".
ويعني بالأمر الأول النظر إلى الشريعة بعين الكمال لا بعين النقص، وهذا النوع أغفله من زادوا في الشريعة أو نقصوا منها؛ ظانين أن حسن النية يشفع لهم؛ مثل من ابتدعوا المولد؛ فإنهم يقولون: المولد أمر حسن؛ فإننا إنما نذكر الله ونقرأ سيرة رسوله صلى الله عليه وسلم نشراً لذكر الله وحباً في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذه المقتضيات التي يذكرونها كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأي شيء توفرت دواعيه ومقتضياته ولم يعملوه -من غير أن يمنعهم منه مانع- ففعله بدعة.
ثم يقول رحمه الله: "وإليه مال كل من كان يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقال له ذلك، ويحذر ما في الكذب عليه من الوعيد؛ فيقول: لم أكذب عليه، وإنما كذبت له!". وأوضح الأمثلة على ذلك ما وضع في فضائل السور سورة سورة؛ فلما أنكر على واضع ذلك، قال: ما كذبت عليه وإنما كذبت له، حتى يهتم الناس بقراءة القرآن.
وما عمل هؤلاء ما عملوا إلا لأنهم يظنون أن الشريعة ناقصة في جانب الترغيب، أو جانب الترهيب، أو جانب المحبة لله ولرسوله وللمؤمنين، أو أي جانب من الجوانب، هذا هو الخلل الأول.
قال الشاطبي رحمه الله: "وحكي عن محمد بن سعيد المعروف بـالأردني أنه قال: إذا كان الكلام حسناً لم أر بأساً أن أجعل له إسناداً، فلذلك كان يحدث بالموضوعات، وقد قتل في الزندقة وصلب".